تعدد الإثنيات في موريتانيا: من نعمة التنوع إلى وهم التنافر

ثلاثاء, 11/11/2025 - 18:42

لم يعرف التاريخ أمةً نقية العرق أو موحدة الأصل، فكل الشعوب مزيج من مكوناتٍ ثقافيةٍ وإثنيةٍ تفاعلت عبر الزمن لتنتج هويةً جامعة.
وموريتانيا ليست استثناءً؛ فهي بطبيعتها بلد التنوع والتداخل، جمعت العرب والبولار والسوننكي والولف في نسيج واحد، دون أن يكون لذلك أثر سلبي على الانسجام الاجتماعي أو وحدة الانتماء.
بل على العكس، ظلّ التنوع فيها دليلاً على الحيوية والتكامل، حتى جاء الاستعمار الفرنسي فحوّل الفوارق إلى أدواتٍ للسيطرة والتمييز.

“الاستعمار وحده من جعل اللغة أداة تفريق، بعدما كانت وسيلة فهمٍ ووحدة.”

قبل الاستعمار: وحدة الدين واللغة

قبل مقدم المستعمر، كان الإسلام هو الرابط الأعمق بين المكونات الموريتانية.
وكان التعليم المحظري النمط الوحيد السائد في البلاد، ولغته الوحيدة العربية. فهي لغة القضاء والفتوى، كما كانت لغة العبادة، والعلم، والتأليف.
ومن اللافت أن علماءً من أصول إفريقية برزوا في ميادين الشريعة والشعر، مما يعكس عمق الاندماج الاجتماعي والثقافي.
بل إن الإمارات العربية والإفريقية كانت تجمعها تحالفات دفاعية واقتصادية، يتقاسم فيها الجميع الحقوق والواجبات دون تمييز.

“ما وحّد الناس آنذاك لم يكن الأصل أو اللون، بل العلم والدين والوفاء للحلف.”